المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غروب !!


القلب الطيب
2008-04-16, 12:16 AM
دقت الساعة السابعة ، وبينما تأهبت الشمس للرحيل صابغة السماء بلون الغروب الكئيب ، تأهب الجميع فى ذلك البيت لتلك الليلة ، فبدت هى أمام مرآتها يشع وجهها جمالا ً باهتا ً ويبدى خوفا ً وقلقا ً انعكسا على وجوه كل من فى البيت ، فبينما أخذت الأم تعد البيت للزائرين و أخذ قلبها ينتفض داعيا ً أن تمر الليلة على خير ، جلس الأب يعد نفسه لاستقبال الضيوف ولسان حاله يردد : اللهم اتمم لها على خير .
وبينما اقترب ميعاد وصول الضيوف كانت هى ما تزال جالسة فى حجرتها ترمق عيناها لحظة غروب الشمس وتوديعها للكون فأثار الموقف – الذى ألفته – فى نفسها اضطرابا ً على اضطرابها فبعث قلبها دقات شديدة العنف وتدفقت الخواطر موجا ً هائجا ً على رأسها الشارد فازداد حزنها وهمها .
ولم تكن تلك الليلة بجديدة عليها فقد مر عليها ذلك الموقف كثيرا حتى لأثار فى نفسها انطباعا ً غريبا ً انفرد به خيالها فلم يعلم به أحد من أهل البيت سواها .
كان خيالها يصور لها الموقف كجلسة محكمة تكون فيها هى المتهمة ويكون فيها أبوها وأمها المحامين الذين جاءوا للدفاع عنها بينما يصور لها خيالها القاضى فى صورة ذلك الزائر ومن معه هم مستشاريه .
وبين كل تلك الخواطر غشت ذكراه رأسها فى تلك اللحظة فأهتز كيانها ، وأحست بصدرها ينقبض وبقلبها ينتفض وبالدموع تنهمر من عينيها كالغيث ، كانت تلك الذكرى - على الرغم من أنها دفنتها وحاولت جاهدة أن تتناساها - تغشى رأسها بين حين وحين ، فتتذكر ذكرى الحب الأوحد فى حياتها فتتشوق لتلك الأيام السعيدة التى كانت تعيشها ثم لا يلبث قلبها أن ينقبض حين تتذكر النهاية الأليمة لتلك القصة وكيف أن من أحبت تركها وأخلف وعده معها فتعاودها الآلام والأحزان .
- أجهزتى يا سماح ؟؟ لقد حان ميعاد وصول الضيوف ..


أفاقت على صوت أمها ونفضت عنها كل تلك الخواطر وقالت :
- نعم ، جهزت يا أماه .
دق الباب ليختلط بدقات قلبها ، فإذا به القاضى ومستشاريه ، وجلس الحاضرون من الأهل يتأهبون للموقف العصيب ، وفى ذلك الجو المشحون بالاضطراب جلست هى ترمق الجميع فى ذهول ، تقلب ناظريها هنا وهناك فتجد الأبصار معلقة بها ترمق كل جزء فى جسدها ، وهنا التقت عيناها بعينيه فوجدته يرمقها مبتسما ً فقذفته بابتسامة سريعه باهتة وقالت تحدث نفسها " التلك الدرجة اصبحت رخيصا ً أيها الجسد ، اى تهمة ارتكبتها كى يئول مصيرك الى هذا الحد ... "
وقطع خواطرها صوته الناعم فالتفتت اليه وقالت مجيبة على سؤاله :
- تسع وعشرون عاما ً .
فرمقها الجميع بنظرات خبيثة ، فعلمت أنهم يرونها أكبر من ذلك فقالت :
- أعلم أننى أبدو أكبر من ذلك بكثير ولكنه قدرى الذى قدر لشعر رأسى أن يشيب قبل أوانه.
ثم عاد ليسألها مرة أخرى فأجابته :
- نعم خطبت سبع مرات ، ولما أحست بسؤال يتلألأ فى عينيه قالت :
- كل شىء نصيب .
كانت فى كل مرة تعد تلك الأجابات لتقطع بها السبل لأسئلة اخرى ، وكانت تقرأ بعض الأسئلة فى عيون من حولها فتجيبهم قبل أن ينطقوا بها ، وتوالت عليها الأسئلة فكانت تجيب أحيانا وأحيانا يجيب أهلها أو محاموها – كما تخيلتهم – وبالطبع لم تخل أسئلتهم من الفحص والتدقيق فى جسدها الى أن ساد صمت طويل .
وأحست بدنو نهاية الجلسة واعلان نتيجة الحكم ، تلك اللحظة التى كانت ومازالت لا تتمنى مجيئها فى كل مرة ، وبعد دقائق قليلة استاذن الضيوف بالانصراف على أن يتم اعلان الحكم النهائى فى أقرب وقت . وفى اليوم التالى كانت جالسة ترمق الشمس وتنتظر لحظة غروبها التى لربما اصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتها .
وفى تلك اللحظة فوجئت بأمها تبدو أمامها والحزن يغمرها فعلمت على الفور أن القاضى قد أعلن الحكم وأنه لم ينصفها ايضا تلك المرة فترقرقت دمعتان حارتان من مقلتيها وقالت تحدث نفسها :
- سامحك الله يا من ضيعت عمرى هدرا ً فى سبيلك ، ويا من جعلتنى مضغة فى أفواه الناس ولعبة فى ايديهم و متهمة يحكمون عليها بما يشاؤون من أحكام قاسية ولكن سيظل حكمك علي هو الأصعب فى حياتى ..
وهنا رفعت رأسها الى السماء ، فوجدت الشمس قد غربت مودعة الكون بأشعه حمراء كئيبة فاستحال الكون قطعة جمر ملتهبة و تمنت فى النهاية لو أن تستطيع أن تنتهج نهج الشمس فتغرب عن العالم تاركة ورائها ذكرى فتاة تحملت طعنات الحياة كثيرا ً حتى فنيت طاقتها وذاقت مرارة الأيام حتى خارت قواها .

Edgar_Allan_Poe
2008-04-18, 12:20 AM
اولا : أحببت هذه القصة حين قرأتها ويسعدنى أن أقرأها أكثر ...

مما أعجبنى فيها هذه القصة الربط بين البيئة الزمنية وبين الأحساس فهذ الربط عبر عن الحالة النفسية للقصة وأعتقد أن هذا كان الأساس الذى بٌنيت عليه القصة .

ربما كانت الفكرة بسيطة ولكن طريقة العرض هى التى أضافت لها عمقاً قويا ً ، فمن الممكن الحديث عن يوم عادى لمواطن مصرى ولكن كيف يتم هذا الحديث وهذا البناء !


لاحظت تكرار :بينما فى بداية القصة ومن الأفضل عدم تكرار كلمة ما بل أستبدالها بما يرادفها منعاً للتكرار أو الملل




كامل التحية ..
مع أمنياتى بالتوفيق

eltohamy
2008-09-28, 08:52 PM
الله عليك

كلام تمام وصل للقلب على طول

تحياتى لك

karmen
2009-07-14, 11:13 PM
فعلا والله فكره بسيطه جدا بس بأسلوبك انت جسدتها وضخمتها لتجعل منها قصة شيقه
فكرتنى بقصص كتير أوى بتمسك لحظه فى عمر انسان وتجسدها بشكل رائع
زى قصة مارش الغروب ليوسف إدريس وحاجات تانيه كتير
تسلم ايديك