المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أعمــــــــــــاق (قصة قصيرة)


Edgar_Allan_Poe
2008-04-16, 11:19 PM
جلسوا الأربعة سوية ، كل منهم أعطى للأخر ظهره ، الخصام ينبض والنزاع كالأنفاس لا غنى عنه ، ولكن يكفى أنهم جلسوا سوية ربما لأول مرة . أعد أحدهم الشاى وأعطى كل منهم كوبه دون النظر إليه ، كل يرى ملامح الأخر قبيحة وشخصيته مشوهة ، يتنازعون على صك ملكية الأرض رغم أنها ملك لأخر ليس بينهم! توترت أطراف الجميع وأرتعشت الأهداب وقرر أحدهم أن يقبض روح الصمت وقال :



حين كُنت طفلاً ...
رأيت من نافذتى غيرى يتأرجحون ويقذفون الكرة لبعضهم البعض والبالونات تتطاير فى الفضاء حرة . اصوات الضحكات وهمسات الروح الهائمة بنشوتها ، أشاهدهم كل يوم وأضحك حين تصرخ الضحكات وأبكى حين أرى دمعة فى عين أحدهم فأجرى الى حضن أمى فتطمئنى فتهدأ روحى ومع الوقت كبرت قليلاً فلم يدعونى أحد بالطفل و أطلقوا علىّ المراهق ، وتحولت ملامحى الى قسمات مسخ وكثرت الدمادم فى وجهى وصرت قبيحاً ، وكثرت الهمسات والصرخات فى أذنى ، ويريدونى أن أصدق أكاذبيهم ، يقولون أن أمى فى السماء بعد ولادتى ويقسمون بأن نافذتى بالألواح الخشبية مغلقة ! ولكن بما يفسرون خطوات الأقدام التى أسمعها ليلا تحوم خارج غرفتى ، أليست أمى تطمئن على نومى ؟!
أنا الأحق بالأرض ، سأسكنها وستظلى معى يا أمى ، أنتى والأطفال والسعادة .



أنهى حديثه وترك أذنه على الجدار وردد : ها هم ، أتسمعون ؟ اتوجد حضانة بالجوار ..؟
أشاح كل منهم بيده ولعن كل منهم فى سره هذا الأجتماع . شرد الجميع فى حديثه السابق، رأوه تافهاً يفتقر الحجة والأدلة التى تؤكد أحقيته للأرض أنتعش أحدهم بالأمل وتدخل قائلا :



يقال أن أجمل ايام الحياة فى الجامعة ، بالطبع ، فأنا كُنت القيصر حين ذاك ، فاتنات كثر تغير سبيلهم من الجامعة الى فراشى فيكثر الضحك فى ليالى باردة تشعلها نيران الشهوة ويزينها ضوء القمر وييقذها آهات المتعة بين الحين والأخر ، يقولون أنهم يرغبونى لأنى أمتعهم بالعنف وأنا أقول أنى أرغبهم لأجل الرغبة لا أكثر ويقولون الحاسدون أن متعة الجسد أبخس المتع ، ماذا أجيب ؟ أنهم حقاً حاسدون !
أنا الأحق بالأرض ، لا لأسكن أمى معى فأنا لم أرى يوما تلك المرأة العاهرة
ولكن لأكون أله ولتكن أرضى بيت مقدس يحج أليها أجمل الفتاتات .



ضحكوا وقالوا بصوت رجل واحد : ما لنا بأن تكون ألها ؟ حاول الأخر أن يدافع عن نفسه الا أنه صمت وردد بداخله : من سيفهمه سواه ؟
زارهم الصمت مرة أخرى وعاودهم التفكير ولكن كل يفكر فى نفسه فقط . لملم أحدهم الكلمات وقال :



ما أجمل شىء فى الحياة ؟
أنه الحب بلا شك ، هكذا قالت لى ، بعدما رأيت الليل وهرب النهار من عينى . أشعلت بداخلى شعلة الحماس والتفاؤل ، وأجتهدت ووجدت أخيراً عملاً ربما لم يوفر لى ما أردته ولكنى أحببته طالما هى أحبته ، شجعتنى كثيراً جعلتنى أعشق الحياة ، وأحببتها ولكنى لم أعلم هذا الا بعد رحيلها. ليس المهم أن تفشل بل المهم أن تفشل فى المرة القادمة بطريقة أفضل .ولكنى لن أفشل المرة القادمة وسأجدها .
أنا الأحق بالأرض لأبنى جنتى ولأترحل القارات وأسبح فوق السحب وأسير فوق القيعان وأعود ومعى حورتى والجنة .



مل الأخير الذى لم يتحدث بعد من كل هذا وقال لهم :
_ لا أحد موضوعى فيكم ولا أجد الحكمة فى حديثكم ولا يوجد منكم من يستحق الأرض
صرخ أحدهم : ومن الذى يستحقها ؟ بأسم الشياطين لا تقل أنه أنت !
_بالطبع أنا ، أكثركم حكمة وموضوعية ، أفضل من سيدير الأرض
_انانى ، مادح لنفسك ، غرورك وحكمتك تضلك !
تدخل أخر : أذن ما العمل ، أيمكننا أن نمكث كلنا فى الأرض معاً ؟

أعترض الجميع حتى صاحب الأقتراح وكادوا أن يعاودوا النزاع والشجار والمعارك لولا طرقات دقت على الباب ففتح الباب أحدهم فصعق لمن وجد ، السفاح ، لم يكن هذا لقبه بل الواقع ، لقد تنازعوا كثيراً على الأرض ولم يتعلموا التكيف معاً ، وقد جاء الأن السفاح ليقتل الجميع وتبقى الأرض ملكه وحده ...فقط !




_هذا المجنون لا يهدأ صراخه أبداً ..
_لا أحد يعلم سوى الله ماذا حدث فى أعماقه !

THE KING
2008-06-30, 10:00 PM
الف شكر ليك على الموضوع ..

Silver
2008-11-13, 08:48 AM
أقل كلمة اصفك بها ... مبدع