GHOST
2008-08-20, 04:35 PM
ـ الشِّعــر
الشِّعر في اللغة : بمعنى العلم ، يقال : شعر به ، أي : علم به وفطن له عقله ، وغلب لفظ الشِّعرعلى نظم القول ، لشرفه بالوزن والقافية ، والشاعر من يقول الشعر ؛ لأنه يشعر مالا يشعر غيره ، أي : يعلم .
واصطلاحا : هو الكلام الموزون المقفّى على سبيل القصد والقيد ، فمن قال كلاما موزونا غير قاصد به شعرا لم يكن شعرا .
وقد وردت كلمة الشعر في القرآن الكريم ، فجاءت في سياق نفي الشعر عن القرآن الكريم ، وعن النبي حيث قال تعالى : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) [ يس : 69 ] ، وقال : ( وما هو بقول شاعر ) [ الحاقة : 41 ] ، كما وردت الكلمة في السنة الشريفة ، فروي أن النبي قال : " إن من الشعر حكمة " ، وقال : " إنما الشعر كلام مؤلف ، فما وافق الحق منه فهو حسن ، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه " .
والشعر : أحد قسمي الأدب ، وهما : الشعر والنثر الفني ، ولابد من توافر ركنين أساسين في الشعر هما : إثارته للشعور ومخاطبة العواطف ، وأوزانه الخاصة وهي تعين على إثارة المشاعر ، وتتحقق بتكرار وحدة صوتية معينة في كل بيت من أبيات القصيدة ، وقوامها المتحرك والساكن من الحروف ، وتعرف بالتفعيلة ، ولها وزن خاص يعرف بالبحر ، وللشعر العربي 16 بحرا ، ولبعض البحور أكثر من تفعيلة .
ولقد كان ميلاد شاعر في أي قبيلة عربية فخرا لها وشرفا إذ يحتفى به كما يحتفى بالفارس أو يزيد عن ذلك ، كما كانت القبيلة تتلقى التهاني على ذلك .
ومما يدل على مكانة الشاعر – في الإسلام – ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي بنى لحسان بن ثابت في المسجد منبرا ينشد عليه الشعر ، وكان رسول الله يقول له : " قل وروح القدس معك : أي : اهج المشركين مؤيدا بروح القدس .
وليس هناك أرفع ولا أجل ولا أثمن من جائزة رسول الله التي منحها لكعب بن زهير بعد أن أنشده قصيدته " بانت سعاد " فقد وهبه النبي بردته ، وقيل : إن معاوية اشتراها منه بثلاثين ألف درهم ، وكان الخلفاء يتوارثونها ويلبسونها في الجمع والأعياد تبركا بها .
وتاريخ الشعر العربي لا يقف عند حدود القرون الأربعة عشر التي أظلتها راية الإسلام ، بل لابد من الرجوع بالزمان إلى الوراء مدة لا تقل عن قرن ونصف قرن ، وهي المدة التي يطلق عليها اسم " العصر الجاهلي " والتي تعد بداية مزدهرة للشعر العربي الذي بدأ - على ما يبدو – مع حداء الإبل بدخول الشاعر فيه مضيفا بعض المعاني العابرة التي تجول في خاطره ، كخاطرة غزلية ، أو لفتة عاطفية ، أو مكرمة خلقية ، وأخذت اللفتات تنمو ، والخواطر تتسع ، والأفكار تمتد حتى نوعوا في الأوزان ، وتجاوزوا الرجز بوزنه الخاص إلى البحور المختلفة المتعددة ، وأطالوا أنفاسهم في القوافي ، وقصَّدوا القصيد .
وفي عصر صدر الإسلام ظلت معاني الشعر وألفاظه وأساليبه وأخيلته التي كانت مألوفة في العصر الجاهلي ، وإن تميزت بترتيب الأفكار ، وتقريب المعاني المرادة إلى الأذهان ، كما اتسم الشعر بكثير من الرقة والسهولة متأثرا بدعوة الإسلام إلى تهذيب النفوس وترقيق الطباع .
وفي العصر الأموي اتسعت الفتوح ، وكثرت الأموال ، وكثر الترف فساعد ذلك على بروز ظاهرة الغزل والتشبيب والنسيب ، كما برز الشعر السياسي خاصة بعد حركة النـزاع بين معاوية وعلي – رضي الله عنهما - ، وأغدق على الشعراء ليسيروا في ركب من يدفع لهم ليقوموا بالدعاية الشعرية له ؛ فظهر التكسب بالشعر ، وإن ظل بعض الشعراء بعيدين مترفعين عن ذلك .
كما ظهر شعر النقائض الذي يمثل مهاجاة أدبية بين الشعراء ، وأشهر من وقعوا فيه : جرير والفرزدق والأخطل .
وفي العصر العباسي اتسعت رقعة الدولة ، وتعددت البيئات ، وامتازت كل بيئة بمذاق محلي خاص ، فشجع الكثير من الحكام الشعراء ، وظهر التجديد في الشعر ، وسهل ، وقل التكلف ، وتشكلت الأغراض الشعرية بشكل خاص ، فاستعمل الشعر في العصبية القبلية ، وفي السياسة بين العباسيين والعلويين ، وتنوع الوصف ، وكثر استعماله في الخلاعة والمجون ووصف القصور والبساتين ، وظهر الغزل بالمذكر ، وأغرق بعض الشعراء في وصف الخمر ، كما برز الزهد والدعوة إليه ، وظهر تأديب النفس وتهذيب الناشئة بالقصص على لسان الحيوان ، وظهر الشعر الفلسفي وشعر التصوف ، كما ظهر الشعر التهكمي والهزلي .
ثم جاء عصر استيلاء المغول على مقاليد السلطة ، وسقطت بغداد ، وشغل الشعراء عن إجادة النظم ، فظهر وصف المعارك ، كما ظهر نوع من الشعر المشتمل على كثير من الألفاظ العامية مثل : " المواليا ، والقوما ، وكان كان " وغيرها ، كما ظهر في هذا العصر " التاريخ الشعري " والمدائح النبوية ، وانتشر الشعر الديني والشعر الصوفي .
وفنون الشعر كثيرة تجمعها في الأصل أغراض أربعة هي : المديح ، والهجاء ، والحكمة ، واللهو ، ثم تفرع من كل غرض فنون ، فكان منها المراثي ، والفخر ، والشكر ، والذم ، والعتاب ، والاستبطاء ، والزهد والمواعظ والحكم ، واللهو والطرد والوصف ، والمجون ، كما ظهرت أغراض شعرية اقتضها ظروف العصور كالعصر الحديث الذي ظهر فيه الشعر المسرحي ، والملحمي .
والشعر ينقسم أقساما منها :
القصيدة : وتكون أكثر من سبعة أبيات ، أو عشرة ملتزمة وزنا واحدا وقافية واحدة .
المسمط : وهو أن يأتي الشاعر بخمسة أبيات على قافية ، ثم ببيت على غير تلك القافية ، ثم بخمسة أبيات على قافية أخرى ، ثم يعود فيأتي ببيت على قافية البيت الأول .
المزدوج : وهو ما أتي على قافيتين إلى أخر القصيدة ، وأكثر ما يأتي وزنه على وزن الرجز .
الموشح : نوع ينظمه العامة على منوال الموشح بلغتهم الحضرية دون التزام للإعراب ، وسمي كذلك لأن مقاطيع أوزانه تفهم حين يغنى به ، فهو مأخوذ من الزجل بمعنى الصوت .
وأقدم ما وصلنا من الشعر العربي هو الاختيارات التي جمعها حماد الراوية (ت : 155 هـ = 772 م ) وأسماها " السموط " أو " المعلقات " ، وهناك مختارات المفضل الضبي ( ت : 168 هـ = 784 م ) ، وتسمى المفضّليات ، والأصمعيات ، المنسوبة إلى الأصمعي ( ت: 216 هـ = 831 م ) ، وممن جمعو الشعر أيضا : أبو تمام ( ت : 231 هـ = 845 م ) و البحتري ( ت : 284 هـ = 897 م ) وابن الشجري ( ت : 542 هـ = 1147 م ) .
والشعر هو المرآة الصادقة لحياة العرب في كافة جوانب حياتهم ، وعلى مدى العصور المختلفة ، يعكس صورة واضحة لحياتهم الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والعلمية والسياسية ، والدينية ، ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم ، وشاهد صوابهم وخطئهم ، وأصلا يرجعون إليه في الكثير من علومهم وحكمهم ، وكما قام الشعر بعمل الإعلام الموجه المروج للأفكار والمبادئ ، قام بعمل فعال في خدمة اللغة والدين ، فهو أحد المصادر الهامة التي قام عليها النحو العربي في أصل وضعه ونشأته ، ويؤلف الشعر جزءا كبيرا من الشواهد النحوية التي اعتمد عليها النحاة في وضع قواعدهم ، ولم يكن النحاة ليتخذوا من الشعر شواهد على نحوهم إلا إذا كان أصحابه موثوقا بهم وبشعرهم وبفصاحتهم ، ويعد الشعر منذ العصر الجاهلي حتى بداية العصر العباسي هو شعر مرحلة الاحتجاج به في اللغة .
كما اعتمد الكثير من المفسرين للقرآن الكريم عليه في تأويل ألفاظ القرآن ، وكان ابن عباس – رضي الله عنهما – يقول : إذا قرأتم شيئا من كتاب الله تعالى فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب ، فإن الشعر ديوان العرب .
ولقد كان موقف الإسلام من الشعر واضحا معتدلا ، فرسول الله يسمع الشعر ، ويتناشده أصحابه أمامه وهو ساكت ، وربما يبتسم معهم ، وروي عن النبي أنه قال : " إنما الشعر كلام مؤلف ، فما وافق الحق منه فهو حسن ، وما لم يوافق الحق فلا خير فيه " .
وقد قال العلماء كافة : هو مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه ، وقالوا : هو كلام حسنه حسن ، وقبيحه قبيح ، ويستدلون بقول الرسول : " إن من الشعر حكمة " .
وكتب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – إلى أبي موسى الأشعري : مر مَن قِبَلك بتعلم الشعر ؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق ، وصواب الرأي ، ومعرفة الأنساب .
الشِّعر في اللغة : بمعنى العلم ، يقال : شعر به ، أي : علم به وفطن له عقله ، وغلب لفظ الشِّعرعلى نظم القول ، لشرفه بالوزن والقافية ، والشاعر من يقول الشعر ؛ لأنه يشعر مالا يشعر غيره ، أي : يعلم .
واصطلاحا : هو الكلام الموزون المقفّى على سبيل القصد والقيد ، فمن قال كلاما موزونا غير قاصد به شعرا لم يكن شعرا .
وقد وردت كلمة الشعر في القرآن الكريم ، فجاءت في سياق نفي الشعر عن القرآن الكريم ، وعن النبي حيث قال تعالى : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) [ يس : 69 ] ، وقال : ( وما هو بقول شاعر ) [ الحاقة : 41 ] ، كما وردت الكلمة في السنة الشريفة ، فروي أن النبي قال : " إن من الشعر حكمة " ، وقال : " إنما الشعر كلام مؤلف ، فما وافق الحق منه فهو حسن ، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه " .
والشعر : أحد قسمي الأدب ، وهما : الشعر والنثر الفني ، ولابد من توافر ركنين أساسين في الشعر هما : إثارته للشعور ومخاطبة العواطف ، وأوزانه الخاصة وهي تعين على إثارة المشاعر ، وتتحقق بتكرار وحدة صوتية معينة في كل بيت من أبيات القصيدة ، وقوامها المتحرك والساكن من الحروف ، وتعرف بالتفعيلة ، ولها وزن خاص يعرف بالبحر ، وللشعر العربي 16 بحرا ، ولبعض البحور أكثر من تفعيلة .
ولقد كان ميلاد شاعر في أي قبيلة عربية فخرا لها وشرفا إذ يحتفى به كما يحتفى بالفارس أو يزيد عن ذلك ، كما كانت القبيلة تتلقى التهاني على ذلك .
ومما يدل على مكانة الشاعر – في الإسلام – ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي بنى لحسان بن ثابت في المسجد منبرا ينشد عليه الشعر ، وكان رسول الله يقول له : " قل وروح القدس معك : أي : اهج المشركين مؤيدا بروح القدس .
وليس هناك أرفع ولا أجل ولا أثمن من جائزة رسول الله التي منحها لكعب بن زهير بعد أن أنشده قصيدته " بانت سعاد " فقد وهبه النبي بردته ، وقيل : إن معاوية اشتراها منه بثلاثين ألف درهم ، وكان الخلفاء يتوارثونها ويلبسونها في الجمع والأعياد تبركا بها .
وتاريخ الشعر العربي لا يقف عند حدود القرون الأربعة عشر التي أظلتها راية الإسلام ، بل لابد من الرجوع بالزمان إلى الوراء مدة لا تقل عن قرن ونصف قرن ، وهي المدة التي يطلق عليها اسم " العصر الجاهلي " والتي تعد بداية مزدهرة للشعر العربي الذي بدأ - على ما يبدو – مع حداء الإبل بدخول الشاعر فيه مضيفا بعض المعاني العابرة التي تجول في خاطره ، كخاطرة غزلية ، أو لفتة عاطفية ، أو مكرمة خلقية ، وأخذت اللفتات تنمو ، والخواطر تتسع ، والأفكار تمتد حتى نوعوا في الأوزان ، وتجاوزوا الرجز بوزنه الخاص إلى البحور المختلفة المتعددة ، وأطالوا أنفاسهم في القوافي ، وقصَّدوا القصيد .
وفي عصر صدر الإسلام ظلت معاني الشعر وألفاظه وأساليبه وأخيلته التي كانت مألوفة في العصر الجاهلي ، وإن تميزت بترتيب الأفكار ، وتقريب المعاني المرادة إلى الأذهان ، كما اتسم الشعر بكثير من الرقة والسهولة متأثرا بدعوة الإسلام إلى تهذيب النفوس وترقيق الطباع .
وفي العصر الأموي اتسعت الفتوح ، وكثرت الأموال ، وكثر الترف فساعد ذلك على بروز ظاهرة الغزل والتشبيب والنسيب ، كما برز الشعر السياسي خاصة بعد حركة النـزاع بين معاوية وعلي – رضي الله عنهما - ، وأغدق على الشعراء ليسيروا في ركب من يدفع لهم ليقوموا بالدعاية الشعرية له ؛ فظهر التكسب بالشعر ، وإن ظل بعض الشعراء بعيدين مترفعين عن ذلك .
كما ظهر شعر النقائض الذي يمثل مهاجاة أدبية بين الشعراء ، وأشهر من وقعوا فيه : جرير والفرزدق والأخطل .
وفي العصر العباسي اتسعت رقعة الدولة ، وتعددت البيئات ، وامتازت كل بيئة بمذاق محلي خاص ، فشجع الكثير من الحكام الشعراء ، وظهر التجديد في الشعر ، وسهل ، وقل التكلف ، وتشكلت الأغراض الشعرية بشكل خاص ، فاستعمل الشعر في العصبية القبلية ، وفي السياسة بين العباسيين والعلويين ، وتنوع الوصف ، وكثر استعماله في الخلاعة والمجون ووصف القصور والبساتين ، وظهر الغزل بالمذكر ، وأغرق بعض الشعراء في وصف الخمر ، كما برز الزهد والدعوة إليه ، وظهر تأديب النفس وتهذيب الناشئة بالقصص على لسان الحيوان ، وظهر الشعر الفلسفي وشعر التصوف ، كما ظهر الشعر التهكمي والهزلي .
ثم جاء عصر استيلاء المغول على مقاليد السلطة ، وسقطت بغداد ، وشغل الشعراء عن إجادة النظم ، فظهر وصف المعارك ، كما ظهر نوع من الشعر المشتمل على كثير من الألفاظ العامية مثل : " المواليا ، والقوما ، وكان كان " وغيرها ، كما ظهر في هذا العصر " التاريخ الشعري " والمدائح النبوية ، وانتشر الشعر الديني والشعر الصوفي .
وفنون الشعر كثيرة تجمعها في الأصل أغراض أربعة هي : المديح ، والهجاء ، والحكمة ، واللهو ، ثم تفرع من كل غرض فنون ، فكان منها المراثي ، والفخر ، والشكر ، والذم ، والعتاب ، والاستبطاء ، والزهد والمواعظ والحكم ، واللهو والطرد والوصف ، والمجون ، كما ظهرت أغراض شعرية اقتضها ظروف العصور كالعصر الحديث الذي ظهر فيه الشعر المسرحي ، والملحمي .
والشعر ينقسم أقساما منها :
القصيدة : وتكون أكثر من سبعة أبيات ، أو عشرة ملتزمة وزنا واحدا وقافية واحدة .
المسمط : وهو أن يأتي الشاعر بخمسة أبيات على قافية ، ثم ببيت على غير تلك القافية ، ثم بخمسة أبيات على قافية أخرى ، ثم يعود فيأتي ببيت على قافية البيت الأول .
المزدوج : وهو ما أتي على قافيتين إلى أخر القصيدة ، وأكثر ما يأتي وزنه على وزن الرجز .
الموشح : نوع ينظمه العامة على منوال الموشح بلغتهم الحضرية دون التزام للإعراب ، وسمي كذلك لأن مقاطيع أوزانه تفهم حين يغنى به ، فهو مأخوذ من الزجل بمعنى الصوت .
وأقدم ما وصلنا من الشعر العربي هو الاختيارات التي جمعها حماد الراوية (ت : 155 هـ = 772 م ) وأسماها " السموط " أو " المعلقات " ، وهناك مختارات المفضل الضبي ( ت : 168 هـ = 784 م ) ، وتسمى المفضّليات ، والأصمعيات ، المنسوبة إلى الأصمعي ( ت: 216 هـ = 831 م ) ، وممن جمعو الشعر أيضا : أبو تمام ( ت : 231 هـ = 845 م ) و البحتري ( ت : 284 هـ = 897 م ) وابن الشجري ( ت : 542 هـ = 1147 م ) .
والشعر هو المرآة الصادقة لحياة العرب في كافة جوانب حياتهم ، وعلى مدى العصور المختلفة ، يعكس صورة واضحة لحياتهم الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والعلمية والسياسية ، والدينية ، ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم ، وشاهد صوابهم وخطئهم ، وأصلا يرجعون إليه في الكثير من علومهم وحكمهم ، وكما قام الشعر بعمل الإعلام الموجه المروج للأفكار والمبادئ ، قام بعمل فعال في خدمة اللغة والدين ، فهو أحد المصادر الهامة التي قام عليها النحو العربي في أصل وضعه ونشأته ، ويؤلف الشعر جزءا كبيرا من الشواهد النحوية التي اعتمد عليها النحاة في وضع قواعدهم ، ولم يكن النحاة ليتخذوا من الشعر شواهد على نحوهم إلا إذا كان أصحابه موثوقا بهم وبشعرهم وبفصاحتهم ، ويعد الشعر منذ العصر الجاهلي حتى بداية العصر العباسي هو شعر مرحلة الاحتجاج به في اللغة .
كما اعتمد الكثير من المفسرين للقرآن الكريم عليه في تأويل ألفاظ القرآن ، وكان ابن عباس – رضي الله عنهما – يقول : إذا قرأتم شيئا من كتاب الله تعالى فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب ، فإن الشعر ديوان العرب .
ولقد كان موقف الإسلام من الشعر واضحا معتدلا ، فرسول الله يسمع الشعر ، ويتناشده أصحابه أمامه وهو ساكت ، وربما يبتسم معهم ، وروي عن النبي أنه قال : " إنما الشعر كلام مؤلف ، فما وافق الحق منه فهو حسن ، وما لم يوافق الحق فلا خير فيه " .
وقد قال العلماء كافة : هو مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه ، وقالوا : هو كلام حسنه حسن ، وقبيحه قبيح ، ويستدلون بقول الرسول : " إن من الشعر حكمة " .
وكتب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – إلى أبي موسى الأشعري : مر مَن قِبَلك بتعلم الشعر ؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق ، وصواب الرأي ، ومعرفة الأنساب .